Sunday, October 16, 2011

العالم حلو !!

العالم حلو

اللصوص يسرقون الأغنياء لئلا يفسدوا
والمحاربون يهدمون المنازل
لننسقها بطريقة أفضل
الشحاذون لا يجبروننا على شراء الحسنات
الأصدقاء يخدعوننا
ليدربونا على أن نكون أكثر رجولة
والتلاميذ
، أيها الآباء قساة القلوب،
يرسبون حتى لا يهجروا أساتذتهم
والعسكري أيضًا
إنه أضاء فجأة
الإشارة الحمراء
كي لا تسحق العربات نملة.


العالم حلو

انظروا كم هي رائعة هذه البنت هناك
لأ. هذا رجل. ركّبوا نظارات.
تستطيع أمي
، بنظام بسيط جدًا،
أن تشفى من السكّر
يتبقى عن العيد ثلاثة أيام
وسيصالحنا عمي "عليّ" و زوج أختي "حسن".
أهلاً، صباح الخير يا "محمد"
ها هم، الحمد لله، أمامكم
ناس يقولون لنا: صباح الخير
إننا سعداء فعلاً
تنصتوا، حتى، على شبابيكنا
مساء الإثنين القادم
وستسمعوننا غارقين في الضحكات.


يا ماما!! ناس حزانى!!

لـ عماد أبو صالح

Saturday, October 1, 2011

أم المُعتَزّ

-1-

عندما كانتْ بيروتُ تموتُ بينَ ذِراعَيَّ
كسَمَكَةٍ اختَرَقَها رِمحْ
جَاءَني هاتفٌ مِن دِمَشقَ يقولْ:
"أمُّكَ ماتَتْ".
لم أستوعبِ الكلماتِ في البدايَهْ
لم أستوعبْ كيفَ يمكنُ أنْ يموتَ السمَكُ كُلُّهُ في وقتٍ واحدْ ..
كانتْ هناكَ مدينةٌ حبيبةٌ تموتْ .. اسمُها بيروتْ
وكانتْ هناكَ أمٌّ مُدهِشَةٌ تَموتْ .. اسمُها فائزَة ..
وكانَ قَدَري أن أخرُجَ من موتٍ ..
لأدخُلَ في موتٍ آخَرْ ..
كانَ قَدَري أن أُسافِرَ بينَ مَوتَينْ ...

-2-

كلُّ مَدينةٍ عربيّةٍ هي أمّي ..
دمشق ، بيروت ، القاهرة ، بغداد ، الخرطوم ،
الدار البيضاء ، بنغازي ، تونس ، عمّان ، الرياض ،
الكويت ، الجزائر ، أبو ظبي وأخواتِها ..
هذهِ هيَ شَجَرةُ عائلتي ..
كلُّ هذهِ المدائنِ أنزَلَتْني مِنْ رَحْمِها
وأرضَعَتْني من ثَديِها ..
وملأَتْ جيوبي عِنباً ، وتيناً ، وبرقوقاً ..
كلُّها هَزَّتْ لي نَخلَها .. فأكَلْتْ ..
وفَتَحَتْ سماواتِها لي .. كَرَّاسَةً زَرقاءْ ..
فَكَتَبْتْ ..
لذلكَ ، لا أدخلُ مدينةً عِربيّةً .. إلا وتُناديني :
" يا وَلَدي " ...
لا أطرقُ بابَ مدينةٍ عربية ..
إلا وأجدُ سريرَ طفولتي بانتظاري ..
لا تنزُفُ مدينةٌ عربية إلا وأنزفُ معها ..
فهلْ كانتْ مصادفةً أن تموتَ بيروتْ ..
وتموتُ أمّي في وقتٍ واحدْ ؟

-3-

يعرفونَها في دمشقَ باسم (أمّ المعتزّ).
وبالرغمِ من أنَّ اسمها غيرُ مذكورٍ في الدليلِ السياحيّ
فهيَ جزءٌ من الفولكلورِ الشاميّ.
وأهميّتُها التاريخيّةُ لا تَقِلُّ عن أهميَّةِ (قصرِ العظم)
و(قبرِ صلاحِ الدين) و(مئذنةِ العروس)
ومزارِ (محي الدين بن عربي)
وعندما تصلُ إلى دمشقَ ..
فلا ضرورةَ أنْ تسألَ شرطيَّ السيرِ عن بيتِها ..
لأنَّ كُلَّ الياسمينِ الدمشقيِّ يُهَرهِرُ فوقَ شُرفَتِها ،
وكلُّ الفُلِّ البلديِّ يَتَرَبّى في الدلالِ بينَ يديها ..
وكلُّ القططِ ذاتِ الأصلِ التركيِّ ..
تأكلُ .. وتشربُ .. وتدعو ضيوفَها .. وتعقدُ اجتماعاتِها .
في بيتِ أمّي .

-4-

نسيتُ أنْ أقولَ لكمْ ، إنَّ بيتَ أمّي كانَ معقِلاً للحركةِ الوطنيّةِ في الشّامِ عامَ 1935. وفي باحةِ دارِنا الفسيحةِ كانَ يلتقي قادةُ الحركةِ الوطنيّة السورية بالجماهير. ومنها كانت تنطلقُ المسيراتُ والتظاهراتُ ضدَّ الانتدابِ الفرنسي ..
وبعدَ كلِّ اجتماعٍ شعبي، كانت أمّي تُحصي عددَ ضحاياها من أصُصِ الزّرعِ التي تحطّمتْ.. والشّتولِ النادرةِ التي انقصَفتْ .. وأعوادِ الزنبقِ التي انكسَرَتْ ..
وعِندما كانت تذهبُ إلى أبي شاكيةً لهُ خسارَتها الفادحة، كان يقولُ لها، رحمهُ الله، وهوَ يبتسمُ:
)سجّلي أزهاركِ في قائمةِ شهداءِ الوطن... وعوضكِ على الله) ..
وتخجلُ أمّي من سخريّةِ أبي المبطّنة، ولكنها في نفسِ الوقت، تشعرُ بهزّةِ عنفوان، لأنَّ بيتَها صارَ بيتَ الوطنية.. ولأنَّ أزهارَها ماتتْ من أجلِ الحرية...

-5-

أمّي لا تتعاطى العلاقاتِ العامّة، وليسَ لها صورةٌ واحدةٌ في أرشيفِ الصحافة.
لا تذهبُ إلى الكوكتيلات وهي تلفُّ ابتسامتَها بورقةِ سولوفانْ ..
لا تقطَعُ كعكَةَ عيدِ ميلادِها تحتَ أضواءِ الكاميراتْ ...
لا تشتري ملابسَها من لندن وباريس ، وترسلُ تعميماً بذلكَ إلى من يهمّهُ الأمر ...
لا توزّعُ صورها كطوابعِ البريدِ على محرّراتِ الصفحاتِ الاجتماعية
ولم يسبقُ لها أن استقبلَتْ مندوبةً أيّ مجلةٍ نسائية، وحدّثتها عن حبّها الأوّل .. وموعدِها الأوّل .. ورجُلِها الأوّل ..
فأمّي (دّقّـةٌ قديمة) .. ولا تفهمُ كيفَ يكونُ للمرأةِ حبٌّ أوّلٌ .. وثانٍ .. وثالثٌ .. وخامسُ عَشَرْ ..
أمّي تؤمنُ بربٍ واحدٍ .. وحبيبٍ واحدٍ .. وحبٍ واحدٍ ..

-6-

قهوةُ أمّي مشهورة ..
فهيَ تطحنُها بمطحنتِها النّحاسيّةِ فنجاناً .. فنجاناً ..
وتغليها على نارِ الفحمِ .. ونارِ الصبر ...
وتعطّرُها بحبِّ الهالْ ..
وترشُّ على وجهِ كلِّ فنجانٍ قطرتينِ من ماءِ الزّهرْ ..
لذلكَ تتحوّلُ شرفةُ منزلِنا في الصّيف ..
إلى محطّةٍ تستريحُ فيها العصافيرْ ..
وتشربُ قهوتَها الصباحية عندنا ..
قبلَ أن تذهبَ إلى الشّغْل ..

-7-

وزارةُ زراعةٍ كانتْ هذهِ المرأة ..
ومن كَثرةِ الأزهارِ ، والألوانِ ، والروائحِ التي أحاطت بطفولتي كنتُ أتصوَّرُ أنَّ أمّي .. هي موظّفةٌ في قسمِ العطورِ بالجنّة ..

-8-

بموتِ أمّي ..
يسقطُ آخرُ قميصِ صوفٍ أغطّي بهِ جسدي
آخرُ قميصِ حنانْ ..
آخرُ مظلةِ مَطَرْ ..
وفي الشّتاءِ القادمْ ..
ستجدونَني أتجوّلُ في الشوارعِ عارياً ..

-9-

كلُّ النساءِ اللواتي عرفتُهُنّ
أحبَبْنَني وهُنَّ صاحياتْ ..
وحدَها أمّي ..
أحَبَّتْني وهيَ سَكْرى ..
فالحبُّ الحقيقيُّ هوَ أنْ تَسْكَرْ ..
ولا تَعرف لماذا تَسكرْ ..

-10-

أمّي متفشّيَةٌ في لُغَتي ..
كلّما نسيتُ ورقةً من أوراقي في صحنِ الدّارْ ..
رشَّتها أمّي بالماءِ مع بقيّةِ أحواضِ الزّرعْ ..
فتحوّلتِ الألِفُ إلى ( امرأة ) ..
والباءُ إلى ( بنفسجة)
والدالُ إلى ( دالية )
والراء إلى (رمّانة )
والسّينُ إلى ( سوسنة ) أو ( سمكة ) أو ( سُنونوَّة)
ولهذا يقولونَ عن قصائدي إنها ( مكيَّفَةُ الهواءْ )
ويشترونَها من عندِ بائعِ الأزهارْ ..
لا مِنَ المكتبة ...

-11-

كُلّما سألوها عن شِعري ، كانتْ تُجيبْ :
" ملائكةُ الأرضِ والسّماءِ .. ترضى عليه ".
طبعاً ... أمّي ليستْ ناقدةَ شِعرٍ موضوعيّة .
ولكنّها عاشقة . ولا موضوعيّةٌ في العشق .
فيا أمّي . يا حبيبَتي . يا فائزة ..
قولي للملائكةِ الذينَ كلَّفتِهِمْ بحراسَتي خمسينَ عاماً، أن لا يتركوني ..
لأنّي أخافُ أن أنامَ وحدي ...

لـ نزار قباني

Thursday, September 15, 2011

يُحِبُني بالثلاثة

مَنْ سِوَاكَ ...
شَهَرَ فزَّاعة ً في وجهِ كلِّ مَنْ سَوَّلَ لهُ حلمُهُ الاقترابَ مِنَ الوَرْدة ِ النائِمَةِ في خِدْر ِ دلالِهَا.
لَهُ وَحْدَهُ أَرَادَهَا, فأَبْرَقَ وأرْعَدَ, عَصَفَ وَقََصَفَ وَأَرْدَاهَا أسيرَة َ جيــتُو العَاطِفة.
ثمَّ ...
حَفَرَعلى الأسْوَار ِ الشَّائِكة مِنْ حول ِ حُسْنِهَا :
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/

مَنْ سِوَاكَ ...
كفرَ بالتفاحَةِ التي هَوَتْ على رَأسِهِ وآمَنَ بجاذبيَةِ الشّهُبِ في عينَيّ حَوَّائِهِ فشرَعَ يشدُو بأصواتِ أسْرَاب ٍمِنَ الطيور ثالوثَ العِشق ِ المقدَّس ِ:
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/
مَنْ سِوَاكَ ...
حَفـَّزَنِي على مُداهمةِ القلعة, فانقضضتُ على الجُندِ والخيل ِ والوزير, ومَا أنْ دَنَوْتُ مِنَ " المَلِكِ" حتَّى رَفَعَ " رَايَة َ الإعجَاب ِ",
وانغمَسَ بترتيل ِ عُهود ِ الوَجد ِ:
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/
مَنْ سِوَاكَ ...
أطعمني القمحَ حبَّة ً حبَّة, وحينَ سَوَّرَتنِي العُيونُ بالمحبَّة,
سَارَعَ بتدْجين ِ غروُري.
ثمَّ ...
أَخْضَعَ دَمي لفحص ٍ مخبَريٍّ عَاجِل ٍ, فجاءَ بنبأ " الأنيميا الحادَّة" , وسَارَعَ بضَخ ِّ كرياتِ العشق ِ للجسَدِ الماثِل ِ للذهول:
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/
مَنْ سِوَاكَ ...
حَضـَّنِي على اصطِيَادِ غـُزلان ِ البراري, وحينَ بالغنائِم ِ عُدْتُ, هَادَنْتُ الأنثى المُسْتأسِدَة َ في نبضِي, إذْ اسْتأنَسْتُ
لِعُذوبَةِ الزئِير ِ:
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/
مَنْ سِوَاكَ ...
أدركَ كنْهَهَا, فراودها عن حلمها, وبفِعْل ِ الجاذبيّة, على كفـََّيْن ِ اسْتِوائِيَيْن ِ, هَوَتْ ثمَرَة ُ جَوْز ِ الهنْدِ رَاضِيَة ً مَرْضِيَّة.
ثمَّ ...
راحَ, على مَهْل ٍ, يمْضغُ اللبَّ و يَرْتشِفُ الزَمْزمَ, وبشرُودِ ابن ِ الملوَّح ِ يدورُ حولَ الشجرَة ِ وهو يتمتمُ :
أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ... أحِبــُّكِ ...
/

/

/
مَنْ سَوَّاكَ, أبـْدَعَ...
وحين َ,على عَرْش ِ النعمَة ِ, اسْتَوَى ...
تَرَكَنــَا نُثمِرُ, نَكـْثــُرُ, نملأ ُ الأرضَ ونسُودُ عليها...
ثمَّ...
نظرَ فـَـ ... رَأَى ...
كلَّ الحــُبِّ الذي عَمِلَه ُ, فإذا هُوَ حَسَنٌ:
جــِدًّا ... جــِدًّا ... جــِدًّا ...



لـ ريتا عودة 

Monday, September 12, 2011

أُحِبّ لو استطعت

أُحِبّ لو استطعت بلحظةٍ

أن أقلب الدنيا لكم : رأساً على عَقِبِ

وأقطع دابر الطغيانِ

أحرق كل مغتصبِ

وأوقد تحت عالمنا القديمِ

جهنماً ، مشبوبة اللّهبِ

وأجعل أفقر الفقراء يأكل في

صحون الماس والذهبِ

ويمشي في سراويل

الحرير الحرّ والقصبِ

وأهدم كوخه .. أبني له

قصراً على السُحُبِ

أحبّ لو استطعت بلحظةٍ

أن أقلب الدنيا لكم رأساً على عقبِ

ولكن للأمور طبيعة

أقوى من الرغبات والغضب

نفاذ الصبرِ يأكلكم فهل

أدى إلى إرَبِ ؟؟

صموداً أيها الناس الذين أحبهم

صبراً على النُوَبِ !!

ضعوا بين العيون الشمس

والفولاذ في العَصبِ

سواعدكم تحقق أجمل الأحلام

تصنع أعجب العَجَبِ 



 

ألق الـحروف